سغروشن كلمة امازيغية مركبة من شقين الأول "سغر" وتعني جفف أو يبس ،والثاني "اوشن" وتعني الذئب ،وجمع بين الشقين وقيل سغروشن بمعنى يبس الذئب.ولقد تضاربت الروايات حول تحديد أصل هذه التسمية فهناك من يرجعها إلى أن مولاي علي بن عمرو كان يصلي وإذا بذئب حاول إلحاق الضرر بماشيته ،فدعا عليه فوقف الذئب جامدا بفضل بركة الشريف .
في حين هناك من يرجع أصل هذه التسمية إلى أن إحدى القبائل الجنوبية عانت كثيرا من تواجد ذئب بمناطقها الرعوية ،حيث كان يهدد القطعان باستمرار ويلحق بها أضرارا جسيمة ،وشكت الأمر للولي الصالح سيدي محمد بوكوة فدعى عليه،وببركة هذا الشريف أصبح هذا الذئب أليفا كالكلب يرعى مع الماشية.وهنا " أسغر " تعني درب وروض.إلا أن هناك من ذهب إلى أن أصل التسمية يرجع لكون هذه القبائل كانت في بدايتها تصطاد الذئاب فتذبحها وتجفف لحومها ،وبذلك سموا آيت سغروشن "أسغر" هنا تعني جفف، وهذه الروايات حديثة العهد وقليلة الانتشار ،نجدها بالخصوص عند فئة من القبائل التي تكن العداء لآيت سغروشن ،وهم الذين يحاولون النيل منهم والطعن في نسبهم الشريف ،وهم الذين يقولون أيضا أن أصل التسمية يرجع لكون جد آيت سغروشن منذ صغره كان قبيحا ،وهنا "اسغر" تعني صغير و "اوشن" تعني فبيح.
وتجدر الإشارة إلى أن الناس يختلفون في رواياتهم حول إشكالية التسمية في تحديد إسم الولي الذي يبس الذئب إلى ثلاث مجموعات .الأولى تكتفي بقولها ان الولي الذي يبس الذئب هو الجد الأكبر لقبائل آيت سغروشن دون تحديد إسمه،أما المجموعة الثانية تقول أن هذا الولي هو مولاي علي بن عمرو ،في حين تذهب المجموعة الثالثة إلى أن سيدي محمد بوركوة دفين باب إغمات بمراكش هو الذي يبس الذئب.
وربما هذه الفئة الأخيرة هي الأقرب إلى الصواب،وذلك لوجود وثائق تدعمها ولو بطريقة غير مباشرة ،اد ان هده الوثائق رغم أنها لا تحمل ما يشير إلى أن سيدي محمد بوركوة هو الذي يبس او جفف الذئب فإنها تثبت انه كان يحمل لقب السغروشني ،ومن تم فان هدا اللقب لم ياتى من باب الصدقة وإنما هو نتيجة حدث ما.هدا الحدث المتمثل في كرامات هدا الولى الصالح "تجميد الذئب" .
ومن هدا المنطلق نقول إن الجد الأكبر لقبائل آيت سغروشن هو سيدي محمد بوركوة جد الولي الصالح مولاي علي بن عمرو دفين الغزوان ،وهذا الأخير هو الأكثر شهرة سواء بين العامة أو في المصادر التي تحدثت عن نسب آيت سغروشن أصل قبائل آيت سغروشن: تحتل قبائل آيت سغروشن مجالا واسعا في خريطة القبائل المغربية ،إذ تمتد من جنوب غرب مدينة فاش شمالا إلى حوض ملوية وأعلى واد كير جنوبا ،ومن المؤكد ان هذه القبائل كانت تشكل فبيلة واحدة ثم تفرقت لظروف مجهولة حتى اصبحنا نجد آيت سغروشن في الجنوب كما نجدهم في الشمال .وعموما يمكن التمييز بين مجموعتين كبيرتين :آيت سغروشن الجنوب الذي يستوطنون بمنطقة تالسينت وأحوازها، وينقسمون إلى فرقتين : * آيت مسروح و آيت توتليت ،ثم آيت سغروشن الشمال ويضمون آيت سغروشن إيموزار كندر،وينقسمون إلى آيت عبد الله وآيت بلقاسم والسبع وآيت داوود أوموسى . *وآيت سغروشن تحريرا ،وينقسمون ايت الربع ،آيت حمو أوسليمان ،آيت حدو أوسليان وآيت عمرو أوبلقاسم وأخيرا آيت سغروشن سيدي علي بتيشوكت.
لقد تضارب الروايات حول تحديد الموطن الأول والأصيل لآيت سغروشن ،فالبعض يرى أن هذا الموطن هو الشمال باعتبار أن هذه القبائل تنحدر من الأدارسة ،وقد هاجروا فاس بعد الحملة التطهيرية التي قادها موسى بني أبي العافية ضدهم ،في حين يقول البعض الآخر أن الموطن الأصيل هو الجنوب ،باعتبار أن سيدي محمد بوركوة الذي يمثل النواة الأولى لهذه القبائل كانت مقره بالجنوب.إلا أنه هناك من يذهب إلى حد القول أن وجود قبيلة آيت سغروشن بشرق الأطلس الكبير سابق على ظهور الشريف سيدي بوركوة ،هذا الولي خلف ذرية كثيرة تفرقت في البلاد ،ومن بين هذه الذرية مولاي عمرو الشريف دفين باب بني مسافر بفاس والد مولاي علي بن عمرو ،هذا الولي الذي إختلفت الروايات حول هجرته نحو الجنوب ،فهناك من يرى ان مولاي علي بن عمرو اضطر لأسباب سياسية للفرار من مدينة فاس ،وكان اول مكان نزل فيه هو واد كيكو ،إلا ان اسكورن رفضوا إقامته ببلادهم ،مما دفعه للهجرة في اتجاه جبل تيشوكت،الذي غادره نحو قرية بني تجيت بأعلى واد كبير.
وقد خلف مولاي علي بن عمرو ستة اولاد ،محمد ،لحسن ،موسى ،عثمان ،إبراهيم وعبدالله وهؤلاء بدورهم خلفوا ذرية كثيرة تفرقت في البلاد لأسباب مختلفة منها ما يرجه لعوامل طبيعية كالجفاف الذي أدى إلى إنتشار المجاعة والاوبئة ،وبالتالي إلى حدوث هجرات نحو مناطق الشمال نومنها ما يرتبط بسوء العلاقة التي كانت تربط ابناء مولاي علي بن عمرو ،مما كان يؤدي إلى نشوب إقتتال بينهم كالاقتتال الذي دار بين ابناء مولاي يوسف بن ابراهيم حفيد مولاي علي بن عمرو ،وكانت من نتائجه أن تشتتوا فمنهم من نزل بسجلماسة ومنهم من نزل بفجيج،ومنهم من استوطن ببني وراين( آيت عبد العزيز) والاقتتال الذي دار بين أبناء سيدي أحمد بن ابراهيم بن علي بن عمرو ،والذي أدى إلى نزوح فرقة منهم إلى ميسور،واخرى إلى بني إيزناسن،ويعرفون بأولاد سيدي محمد الشغروشني ،وربما لنفس الأسباب هاجر مولاي عثمان بن سليمان حفيد مولاي علي بن عمرو من تالسينت إلى واد سرغينة.
.:: النسب الشريف آيت سغروشن:
إن قبائل آيت سغروشن جميعها تقول بنسبها الشريف نبمعنى انها تنحدر من الشرفاء الأدارسة ،حفدة سيدنا علي كرم الله وجهه واطمة الزهراء رضي الله عنهما بنت خير الانام سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام نكما ان القبائل المجاورة تقول بذلك باستثناء بعض القبائل كانت تربطها بآيت سغروشن علاقة عدائية ،ونتيجة لذلك يراعون يتقدير واحترام كبيرين من طرف العامة ،إذ يعمل الكثير من سكان القبائل المجاورة على التقرب منهم ما امكن واجتناب إيذائهم ،فالى عهد قريب كانت الكلمة كلمتهم والرأي رأيهم نإذ انه خلال مرحلة ما قبل الحماية كان سكان القبائل المجاورة يدخلون تحت حمايتهم في إطار ما كان يسمى "أمور".
ولقد تحدثت مصادر كثيرة عن النسب الشريف لآيت سغروشن وأهمها :كتاب الأنوار في ذكر النبي المختار ، كتاب أبي عبد الرحمان القيرواني ،تأليف السيوطي ،تأليف العمراني ،أجوبة القادري ،تأليف منسوب لسيدي السعيد بن أبي القاسم العقباني التلمساني وتقييد منسوب إلى الفقيه الجليل سيدي محمد الصغير نجل الولي الكبير سيدي أبي الطيب دفين ميسور.وقد إعتمد العلامة المجاهد مولاي احمد بن الحسن السبعي على هذه المصادر جميعها في تأليف الدرر السنية إلى أصل السلالة العمرانية السغروشنية والسبعية ،بخصوص النسب الشريف للولي الكبير سيدنا ومولانا علي بن عمرو الشريف الإدريسي وإخوانه وأولاده.
كما تحدث عن نسبهم الشريف أبي جعفر الكتاني قائلا:"...منهم –أبي صلحاء فاس – الشريف الأشهر الولي الكبير الأكبر العارف بالله تعالى أبو حفص سيدي عمرو المدعو الشريف بن محمد بن داوود بن عمران بن يزيد بن صفوان بن خالد بن عبد ن إدريس باني مدينة فاس،وهو والد الولي الصالح والقطب الواضح مولاي علي بن عمرو دفين غزوان قرب واد كير جد الشرفاء السغروشنيون بفاس وغيرها ،المتوفي سنة 559هجرية ...ورأيت في كتاب تحفة الحادي المطرب في رفع نسب المغرب عند تعرضه لأولاد عبد الله بن إدريس ما نصه :...ثم يعني من اولاده السغروشنيين ،أولاد علي بن عمرو دفين غزوان ووالده دفين بني مسافر من فاس .
كما اكد هذا النسب الشريف صاحب الدرر البهية والجواهر النبوية في معرض حديثه عن ذرية مولاي عبدالله بن إدريس حيث قال :"وأما الغصن السادس من أغصان الغوث الكبير مولانا إدريس الأزهر السيد عبد الله ،وهذا الغصن غصن كريم جليل عظيم ،ومن ابناءه كل عمراني غير الجوطيين.وهؤلاء العمرانيين طوائف متعددة ،وهم أهل الفحص وقبيلة بني شداد وتلنبوط...،والسغروشنيين والسبعيون ....أما الشرفاء السغروشنيون فمن ذرية ولي الله أبي الحسن علي دفين غزوان ...فكل سغروشني،صح نسبه إلى هذا الجد علي بن عمرو.
ونلاحظ ان المؤلف إحترز بالعبارة التالية –فكل سغروشني،صح نسبه لهذا الجد علي بن عمرو-من الخلط بين الشرفاء السغروشنيون المنتمين إلى ذرية مولاي علي بن عمرو وبين العامة ممن دخلوا إلى التسمية (آيت سغروشن)على سبيل الولاء المعروف عند العرب قديما ،كقبائل تالسينت (آيت بوشاون ،آيت وادفل...)الذين استقدموا مولاي علي بن عمرو من فاس للتبرك بشرفه على عادة المغاربة الذين يتبركون بالذرية النبوية ويحرصون على تواجدهم بين ظهرانهم وينشئوا زوايا تقوم بأدوار دينية واجتماعية وسياسية إذ أن الأنظمة السياسية للدولة المتعاقبة على تاريخ المغرب كثيرا ما كانت تعتمد على الزوايا في توحيد القبائل والاستعانة بنفوذها لجمع الكلمة والدعوة إلى الجهاد وقد يكون من المفيد أن نشير على أن بعض الكتابات الحديثة استغلت هذا الخلط بين النسب والولاء رغم ان الولاء معروف عند العرب منذ الجاهلية ،فزعم أصحابها أن فك الارتباط إن صح التعبير بين المنتمين للنسب الشريف ومختلطين بهم بالولاء مسألة شب مستحيلة ،متناسين أن أهل مكة أدرى بشعابها .فالنظر إلى الشئ من الداخل يختلف عن النظر إليه من الخارج .فالذين يعايشون هذه الزوايا ويتعرفون عليها من كتب تلاحظون مدى تقدير هذه القبائل المنتمية بالولاء لفرق الأشراف المشرفة عن الزوايا وأصحاب هذه الكتابات غالبا ما تكون لهم خلفيات لمواقف ذاتية تعود إلى النعرات الضيقة والتعصب الأعمى بسبب من الأسباب .ومن أجل التمييز بين الأشراف والعوام ،بدل العلامة مولاي احمد الحسني السبعي مجهودا في مؤلفه المشار إليه سابقا ،حيث حدد ما وصل إليه علمه من التمييز بين الطرفين .
.:: استقرار آيت سغروشن سيدي علي بالمنطقة :
هاجر مولاي عثمان بن سليمان حفيد مولاي علي بن عمرو كما سبقت الإشارات من منطقة تالسينت خلال القرن 14 ميلادية واستقر على واد سرغينة .ولقد تضاربت الروايات حول أسباب هذه الهجرة،فهناك من يربطها بالظروف الطبيعية كالجفاف ،وهناك من يرجعها إلى سوء العلاقة التي كانت تجمع أبناء مولاي علي بن عمرو بعضهم ببعض ،مما أدى إلى الاقتتال بينهم والتشتت في المناطق المجاورة .خلف مولاي عثمان ابنا واحدا هو يوسف وهذا الأخير خلف أربعة أولاد.من بينهم عبد الله.ومن ذرية هذا الأخير الولي الصالح سيدي علي أويحيى.
لقد عرفت ذرية يوسف أوعثمان نحو المناطق الغربية والشمالية .وخلال هذه الهجرة انتقل سيدي يحيى بن عبد الله من المنطقة قاصدا مدينة فاس ،ثم انقطعت أخباره إذ لا أحد يعلم إن كان قد استقر بها أم هاجرها إلى الشرق كما يدعي البعض،وأصحاب هذا الرأي الأخير يزعمون أن قبره يوجد بشرق المغرب .
ومهما يكن فسيدي يحيى توفي،وعاد ابنه سيدي علي خارجا من مدينة فاس .وقبل وصوله مر بأراضي أبناء عمومته،آيت علي أويوسف فنزل بموقع يقال له" سهب العيا" فسأل عن إسم الموضع فأخبروه باسمه فقال عنه "إنما هو سهب الخلا" واتبع سيدي علي طريقه إلى أن وصل "تلات نسال" التي قال عنها "هرب لا تسال" ثم رحل وبرفقته رجال من آيت علي أويوسف إلى عائلته ،وبعد رحلة طويلة استقر بمنطقة تابوجبرت ،التي قال عنها "هنا تجبر ولادي"،وبالفعل فذريته هي التي تقطن حاليا بهذه المنطقة ،إلى أن اسكورن رفضوا بقائه بالمنطقة وقرروا طرده،إذ يعتبرونه مجرد قاطع طريق .
وفي الوقت الذي كان فيه سيدي علي ،يحيي سنة سيدنا إبراهيم لنحر أضحية العيد ،فوجئ بهجوم اسكورن عليه ،وفر مسرعا حاملا أضحيته على الفرس متجها نحو منخفض سكورة ،وبعد توقف لمدة دقائق تبين ان أهل سكورة لا زالوا يلاحقونه عازمين كل العزم على إخراجه من أراضيهم ،وهكذا ظلوا يطاردونه إلى أن عبر جبل تيشوكت في اتجاه الجنوب فدعا لهم بالدعاء المأثور عند العامة :"اللهم أنزل عليهم-اسكورن-أزقور نايت داوود ما يهز ما ينز" وهكذا ظل اسكورن مستهدفين من طرف آيت داوود أوعلي الأقوى منهم.
وخلال هذه المطاردة توقف سيدي السبع مرات قبل الوصول إلى منطقة سيدي حساين بتيشوكت والتي قال عنها " إنها كالبغلة الزرقاء ،رزقها قريب وشرها بعيد،عليها اغرس أولادي".استقر سيدي علي بسيدي حساين وخلال مقامه نزلت عليه المنزولة التي تسمى بزاوية 18 ظامن،وهي عبارة عن خيمة متنقلة ،واجتمع الناس من حوله بل وفاقت شهرته جبال تيشوكت ،وجاءته القبائل من بعيد مثل قبائل آيت النظير من ناحية الحاجب.
ثم انتقل سيدي علي إلى منخفض المرس .وقد خلف سيدي علي خمسة أولاد :يوسف ،يحيى ،محند ،أحمد ومحند ويقال توأمان نوذرية هذا الأخير تعرف بآيت محند فيما تسمى الذرية الباقية بادراسن.
وخلال القرنين 18 و19 عرفت ذرية سيدي علي نزوحا نحو المناطق المجاورة .جنوبا وغربا حيث وصل نفوذ آيت سغروشن سيدي علي إلى كيكو غربا والقصابي جنوبا ،إلا أنه خلال فترة الحماية وبالضبط سنة 1937م تم تحديد منطقة نفوذ آيت سغروشن من طرف سلطات الاستعمار في الطريق الرابطة بين بولمان والمرس غربا ونهر واد سرغينة جنوبا.
وتجدر الإشارة إلى أن المنطقة عرفت تعاقب عدة قبائل ففي الشمال قبائل بني حسين وبني عباد ثم آيت داوود أوعلي وهم فرع من آي تيوسي وأهل سكورة الذين استقروا بمنطقة سكورة منذ 781هجرية.وجنوب المنطقة آيت رحو وهم فرع من آي تيوسي وآيت بلقاسم (قصو) المعروفين باجحرون ،وأخيرا قبيلة آيت سغروشن سيدي علي حوالي القرن 15 م .